dya
عضو متميز
 عدد الرسائل : 242
تاريخ التسجيل : 12/11/2006
 | موضوع: لا اعرف  الجمعة فبراير 09, 2007 2:59 am | |
| لا أعرف بقلم */أحمد محمود عدوان
ذات يوم كنت أقوم بحل بعض المسائل في مادة الإحصاء قمت بتطبيق بعضها
واستعصي علي الكثير منها ،فجاء علي مخيلتي الدكتور الذي يقوم بتدريسنا تلك
المادة المعقدة ولم أتاوانا في الذهاب لطرح تلك المسائل عليه بالرغم من
عدم معرفتي به ،ألقيت عليه التحية وجلست بجواره سائلا له عن كيفيه حل تلك
الأسئلة بعد حوار جانبي دار بيني وبينه حتى حان دور مناقشه تلك المسائل
الشائكة في نظري ،فإذا به يصدمني بكلمه لا أعرف وقفت مذهولا مما جري
قائلا:دكتور في المادة ولا تعرف فما بالنا نحن .
ابتسم د.قائلا لا تفزع يا بني أنا لا احب أن أناقش شئ إلا بعدما تكتمل
الصورة لدي أرجوك أمهلني قليلا أراجع المصادر لأنني فقدت بعض القوانين
التي تؤهلك لحل المسألة.
لكن الغريب أن هذا الدكتور لا يستعصي أمامه أي سؤال كان- ولكن من حواره فهمت أنه يريد أن يوصل إلى فكره!
وقد وصلت حقا وهذا ما دعاني لكتابه هذا المقال وهو تحت عنوان (لا أعرف) أو
(لا أدري)،. سمه ما شئت.وأنا لم اكتب هذا المقال من هباء ولكن لأوصل إليكم
فكره قد اتضحت أمامي جليا.
هناك فضيلةًُُُُُ الكثير منا يفتقدها وبالذات في تلك الأيام حتى أصبحت تلك
الفضيلة المفتقدة داء نعاني منه جميعا وأنا لا استثني من الداء نفسي
.........أو حتى القارئ ،
وأصبح الحصول علي الدواء صعب المنال ((فمن يدرك أنه معلول لا يشفي
بالضرورة ))أنها فضيلةًََ{ "((التواضع والإقرار بالجهل ))"((وعدم الخوض
فيما لا نفقه)) ،((أو لسنا علي ثقة في معلوماتنا فيهٍ))}
ولو نظرنا لحالنا الآن لوجدت أن الأمة كلها أصبحت مفتين،حتى صرنا أهلً
لثقافة الحفظ والارتجال و إٍفحام المجادل بأي ثمن،فلا نتردد في أن نواصل
الخوض في الحديث والاعتماد علي مبدأ ((قيل هذا وقيل غيره))،((ومن اخطأ فله
اجر ومن أصاب فله أجران ))،وغير ذلك من مبادئ في الحوار نستخدمها في الحق
والباطل دون مراجعه.
وأجد أن إيماننا نحن كجمهور ((بالمفكر الكبير)) فلان و((الباحث الشهير))
علان ..... كبير جدا وهم في معتقدنا ممن يملكون جواب لكل سؤال وحلا لكل
مشكله أي كانت.
وهذا الإيمان هو نفس إيماننا بوجد((المستبد العادل)) في حياتنا السياسية
الذي يحاول أن يفرض العدل علي الجميع ،وينتهي بفرض الاستبداد علي المجتمع
!آلا يقول المثل الشعبي L((ظلم بالسوية ،عدل بالرعية))،فإذا عم الظلم
الجميع ...ساد العدل !!
تجنب كلمه لا اعلم وصلت كذلك إلى الفقه والفتوى ،وبخاصة في برامج
التلفاز،فتتوالي الأسئلة من كل بلاد العالم علي البرنامج الشهير ـ ولكل
سؤال جواب ولكل قضيه مستعصية فتوى، والأمر أنني كنت أتابع برنامجا لشخص
هزلي لا يمثل الدين والدين منه وما يفعل براء علي قناة خبيثة تدعي كنوز
يقولون له الشيخ((علي خليفة)) تنهال عليه الأسئلة من كل حدب وصوب للسؤال
عن الصحة والرزق وغيره .......من أسئلة الجهالة ولا يتوانَ هذا الدجال عن
رسم دور الرجُل العارف بما يجري بالمستقبل والتظاهر بأنه يعرف مالا يعرفه
صاحب المكالمة عن حياته اليومية مثل أكله وشربه......الخ
والأفظع أنه استعان بخططه المكشوفة بالُْْْقرانُ الكريم وعندما يتعارض
وصفة لحاله المتصل ويجادله فيرد عليه أسكت أنني أبصر بحالك منك ،فإذا كان
يعرف هذا الدجال عواقب الأمور، وحسبنا الله فليقل لنا إلى متي سيدور
النزاع بين ((فتح وحماس)).
وبذلك لا يقول المثقف أو رجل العلم ،أو أستاذ الجامعة عندنا لا اعلم لأن
صوره رجل العلم والثقافة في تراثنا ووعينا الجماعي .صورة قارئ متبحر بقر
بطون الكتب،وأتي علي علوم الأولين والآخرين ،وصار يعرف كل شئ وبخاصة في
مجال شهرته ،صوره مفكر عبقري يكاد أحيانا يصرخ في الناس ((سلوني قبل أن
تفقدوني )).فكيف يقر مثل هذا ((المثقف الكبير)) أو ((الأستاذ
الدكتور))*بأنه ((لا يعرف)) أو انه بحاجة كالآخرين ،إلى مراجعه الكتب
والدفاتر.ومن السمات التي تظهر في مشكلاتنا الحالية هي عدم توافر
المعلومات وبهذا تنشأ الخلافات والصراعات والسبب كله الخوض فيما لا يعلم
ولو نظرنا بعين الحكمة في تطبيق أمورنا وطبقنا أن الخلاف في الرأي لا يفسد
من الود قضيه فبهذا نكون قد قطعنا شوطا كبيرا للوصول إلى معرفة الحقيقة
ولما حدث خلاف قط علي ظهر البسيطة .لقد فشت السطحية بين الكتاب حتى صرنا
معجبون بأنفسنا أيما إعجاب .ولعلنا من الشعوب والثقافات القليلة التي تخصص
في الشعر باباً للفخر والتفاخر .وهات يا مبالغات! أن كلمه لا اعرف أصبحت
مطموسة تماما في المجتمع العربي عامه والحكومات العربية خاصة حيث أصبحت
الحكومات في بلداننا تنافس الرعية في مجال الادعاءـ،فما من صاحب جاه أو
سلطان يعترف بجهله ،ولا وزير أو رئيس يقر بأن دراسته وتخصصه في واد
،ووظيفته السياسية ،الرفيعة ،الحكومية......في واد ولا أحد منا يدري حقيقة
،ما الذي يجري في وزارات ومؤسسات وهيئات العالم العربي بسبب هذا التعيين
السياسي للوزراء ،وتوزيعا للمغانم أو تجنبا لشرور الأحزاب والجماعات أو
مجرد شراء للولاء !لقد أصبح المصابون بهذا الداء العضال يعانون من
اضطرابات نفسيه بسبب صراع يدور بين الحقيقة والذات فتطفو كلمه (أنا أبو
الفهلوة أبو نص اللسان)،علي الحقيقة وعلي الذات وبهذا نكون نحن العرب قد
حصلنا علي درجه الدكتوراه في (الإفتاء) فيصبح المجتمع كله مفتين ولا
يحتاجون لذوي الخبرة والاختصاص لتصحيح المعايير الخاطئة ،ومن أفظع الكلمات
التي أصبحنا نتداولها تحت بند أنا اعلم"((استفتي قلبك ))"حتى أن الراقصة
صارت تستفتي قلبها في تلك الأيام فإن حدثها قلبها بأن "الرقص الشعبي"
يختلف عن "الرقص البلدي" اطمأنت واختارت "الرقص الشعبي "لان قلبها حدثها
بهذا . وربما أنا لا ألوم علي تلك الراقصة مثلما ألوم علي المتعلمين الذين
يروجون تلك الكلمة بمفهومها الخاطئ لديهم.وأصبح من الملموس بين جمهور
الشباب ترديد الاتهامات "كالببغاوات" التي يسمعونها في أجهزه الإعلام و
ألا شرطه المباعة ومانشيتات الصحف حول عدم وجوب الحجاب وفرضيته علي المرأة
المسلمة ،وأن المرأة المحجبة متخلفة.بالطبع.لم يطالع هؤلاء علي الأرجح
كتبا في مثل تلك المواضيع والبحث في السنة النبوية الشريفة خارج إطار
الكتاب المقرر ،وبرامج التلفزيون وغيرها ....
ومن هنا فأنا أطالب الاخوة وأوجهها لنفسي قبلكم ،أن نراجع ونبحث ونتعلم
قبل أن نوصل المعلومة إلى الآخر وأن نحاول قدر المستطاع أن نحصر الجواب
بمساحة محدودة وقضيه معينه ومسألة واحدة.وان لا نعمم ونتناول الصغائر
والكبائر وليكن الصبر والتأني شيمه المتعلمين ولكل من يختال بنفسه فرحا
فليجعل التواضع سيده حيث يقول الأشهبي في كتاب المستطرف ((كان كعب بن زهير
–صاحب قصيده بانت سعاد –ينشد شعرا قال لنفسه أحسنت وجاوزت والله الإحسان
فيقال له :أتحلف علي شعرك ؟فيقول :نعم لأني أبصر به منكم .وكان الكميت إذا
قال قصيده ،صنع لها خطبه في الثناء عليها ،ويقول عند إنشادها :أي علم بين
جنبي ،وأي لسان بين فكي ))!!
وكما قلنا سابقا من يدرك أنه معلول لا يشفي بالضرورة .
فهل سنبرأ بعد قراءة هذا المقال ؟
((لا أعرف)) والله أعلي وأعلم !. __________________ | |
|
